نشر على: أغسطس 12th, 2015 بواسطة

agreeلا أشغل حاليا منصب الرئيس التنفيذي لشركة ما، كما أنني لا أملك مكتبا واسعا ذا إطلالة ساحرة على مركز المدينة، وبالطبع أنا لا أملك سيارة أستون مارتن 077 المطعمة بالكروم الأملس الأنيق والتي يبلغ سعر الواحدة منها 1.8 مليون دولار، ولم أعش حلم أن أكون واحد من الرؤساء التنفيذيين الذين يجدون صعوبة في اختيار الأفضلية بين ملعب جولف ماياكوبا الكاميلون أو ملعب رونباك السويدي الجنوبي للغولف واللذين يقصدهما كبار رجال الأعمال والمدراء التنفيذيين، على أية حال، حالما انتهيت من قراءتي كتاب لغة القادة والذي صدر عن موزعه كروجر بايج ليمتيد لمؤلفه كيفين موراي، والذي جعلني أشعر كما لو كنت فعلا رئيسا تنفيذيا لشركة كبرى. من المثير للاهتمام معرفة الكيفية التي يقوم بها كبار الرؤساء التنفيذيين بالتواصل مع الآخرين لتحفيزهم ودفعهم للتفوق في مجالات تخصصهم المختلفة. لعل قصة بول بولمان، الرئيس التنفيذي العالمي لشركة يونيليفرهي واحدة من الأسباب التي أثارت إعجابي والتي وردت ضمن الكتاب، وذلك للوضوح الذي تشعر به في صدى كلماته المباشرة والصريحة. ليس لكونه يملك حجج مقنعة تؤثر فيك بطريقة لا يمكن زعزعتها فقط، بل لأنه جعلني مؤمنا بما يقول.

يعتقد بولمان أن أسلوب القيادة بات يفتقر إلى الحكمة التقليدية حيث يقول كل ما عليك فعله هو إشعال الشعلة التي تربط شغف الأشخاص المحيطين لتشعرهم بعظمة المهمة، ويضيف بعدها سيسير العمل على خطى ثابتة، وهذا ما يجعل شركتك ذات أداء عال. ولذا نجد موراي يركز على أهمية إشراك الجميع في مؤسستك باستخدام أنظمة متناسقة تعتمد الحكمة في الإدارة وتبنى على أساس التواصل الأمثل دائما. سعى موراي إلى إلهام قرائه عبر صفحات كتابه التي تزيد على الـ200 بقليل،فاعتمد في كثير من الأحيان على الأسلوب القصير والجذاب لعناوين الفقرات، مثل الأبعاد الثلاثة للثقة أو قصة العالم السري والتي تلفت الانتباه منذ الوهلة الأولى. وشمل الكتاب الكثير من النصائح والإرشادات التي تتعلق بإدارة الأعمال،كتبها بنفسه وجمع غالبيتها من أكثر من 60 رئيسا تنفيذيا مختلفا قام المؤلف بمقابلتهم، كما يحتوي الكتاب على العديد من المهارات المتنوعة مثل التواصل, الشراكة وإدارة العلاقات بطريقة متماسكة للغاية, إلى جانب المقابلات الشخصية، القصص والرسوم البيانية التي تساعد على إثبات نقطة معينة.

بالنسبة لموراي، فإن معظمنا بحاجة إلى بعض الصفات التي تمكننا من الاتصال بفعالية أكثر، وذلك بالنظر إلى أننا لا نملك الرؤية التي يتمتع بها الرئيس التنفيذي لشركة ما أو عقليته الإدارية، ولذا يقول موراي هدفي مساعدتك في أن تصبح محاورا أكثر إلهاما، وقائدا أفضل، وليس مجرد متحدث بارع، ويضيف أن الاتصال عملية تعتمد على التحاور والتفاعل، وسوف تكون فعاليتك أكبر إذا تمكنت من جمع صفتي الحوار والتحدث على حد سواء.

يحتوي الكتاب على قصص ومقابلات لشخصيات مثيرة للاهتمام، مثل دامون، إندرز توماس، وجيمس هوغن، لقد طرح موراي هؤلاء كشخصيات قوية ومؤثرة بقدر ما هي كذلك على أرض الواقع، كقصة نجاح جيمس هوجن الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد للطيران الذي أشرف على النمو السريع لناقل الطيران الوطني في دولة الإمارات على مدى السنوات الأربع الماضية، موضحا كيف أضاف 33 وجهة سفر جديدة و 35 طائرة جديدة، وعمل على زيادة عدد المسافرين من 2.7 مليون إلى 7.2 مليون مسافر سنويا.

كل قصص الرؤساء التنفيذيين رائعة، ولكن النقطة الأهم في هذا الكتاب هي لغة التواصل التي يستخدمها الرؤساء التنفيذيون والتي مكنتهم من تحقيق إنجازاتهم التي تم إثباتها عبر الارقام والإحصاءات المذهلة. بإمكانك أن تتعرف على الهدف الذي دفع موراي لتأليف هذا الكاتب من خلال رغبته في أن يتعرف العالم على العديد من الأعمال والإنجازات الجيدة التي قام بها رئيس تنفيذي لشركة ما، وكيف يمكن اذا أصغينا وقرأنا بعناية أن نحذو حذوهم، وأن نحاول على الأقل الانخراط في تطبيق هذه الأفكار الرائعة، ورفع أصواتنا والمضي قدما من خلال الاعتماد على هذه الأفكار دون أن نطعمها بآرائنا ووجهات نظرنا الخاصة في الحياة.

رفع الصوت بمعناه المعنوي وليس الحرفي يعني الدفاع عن أفكارنا وآرائنا التي نؤمن بها، فالقادة غالبا ما يكونون متمسكين بآرائهم،سواء كانت إيجابية أم سلبية، ويتميزون بالقدرة على الإقناع، لأنهم دوما يمتلكون المعلومة والرأي المدروس فيما يخص البيئة المحيطة بهم والتي تؤثر في عالمهم، بالإضافة إلى القدرة المميزة على التواصل وتوصيل وجهة نظرهم، كلها تعد مفاتيح التأثير والتغيير في مواقف وسلوكيات المحيطين بك، حسب موراي.

عتقد موراي أن معظم الناس ينكرون حقيقة خوفهم من التحدث والنقاش في مجال العمل لخوفهم من العواقب، وهو الأمر الذي يفضي في أغلب الأحيان إلى عدم الاتفاق والتوافق في المناقشات. موراي ينصحك بأن تكون جريئا، ويدلل على صحة كلامه بأبحاثه التي أثبتت أن الرئيس التنفيذي صاحب الشخصية الانطوائية، أقل إقناعا من الذي يملك شخصية منفتحة وغير متحفظة وهو النوع الذي يتسم بالتأثير والإقناع وعلى شريحة أكبر من الأشخاص.

كما ينصح موراي بأنه عند إعطاء وجهة نظرك في أمر ما يجب أن تكون دقيقا وحازما، وأن لا تتنازل عن رأيك الذي يجب أن تعرضه بطريقة واضحة حتى تستطيع أن تقنع الآخرين.

يدور الإطار العام للكتاب حول مهارات الاتصال، لكن موراي لم يحاول أبدا أن يصيغها بشكل دروس، إنه باختصار وصف لتجارب وومضات من حياة الرؤساء التنفيذيين، والتي قد تتكرر كثيرا، حيث يمكنك التعلم منها ومحاولة الاستمرار في تطوير مهاراتك خلالها، بالإضافة إلى طرح الأسئلة والتحقيق، والاستعداد للتعلم وتقبل العلم من الآخرين بغض النظر عن مستوى الإدارة، وكلما كان الاتصال أكثر وضوحا، كانت المعلومات أكثر قيمة، ويكمن مفتاح التواصل الفعال في تحديد الغرض منه والتركيز العميق على هذا الغرض ووضع جانب الأنا من أجل الحفاظ على التواصل والفهم، القادة الجيدون يعرفون غريزيا متى يتحدثون، ومتى يصمتون، ومتى يتم التجاهل ومتى يجب التصرف وكيفيته كما يقول ريتشارد جوند من جولدمان ساكس إنترناشيونال.

هناك دورس لا تعد يستطيع أن يتعلمها قارئ لغة القادة ومن أمثلة ذلك، حديث موراي عن كيفية قياس وملاحظة الشراكة، لقد أكد أن أهمية مفهوم الشراكة كواحد من ركائز النجاح الأربع. كقائد على هرم المنظمة، يجب عقد المحادثات الخاصة بك مع الناس في جميع أنحاء الشركة. وبعد ذلك أظهرت عمليات مراجعة الحسابات تجاوبا واضحا بعد تطبيق وتفعيل حيث كانت النتائج مترجمة عبر الأداء المالي مقارنه مع العام الماضي.

موراي هو مزيج غريب ما بين رجل الصحافة ومدرب في مجال الاتصال والذي يكتب بمهارة تمكنه بأن يكون أكثر إقناعا من غالبية أساتذة الجامعات، ويتميز كتابه ببساطة بالغة تجعل من السهل قراءة وفهم محتواه، ويمكن القول بعد أكثر من 30 عاما من تقديم المشورة للرؤساء التنفيذيين والشركات العالمية جاء كتاب موراي انعكاسا لتجاربه الخاصة ومطعم بخلاصة مقابلاته وعلاقاته مع رجال الأعمال، وبالإضافة إلى تعلم مبادئ الاتصال المتقدم، بقدر كبير من التفصيل، حيث يسلط الكتاب الضوء على كيفية بناء شبكة فعالة وآمنة لشركاء العمل من خلال المشاركة والتواصل كما يشير الفصل الثامن.

في عالم الأعمال هناك تصور مشهور بأن رواد هذا العالم لا يكترثون للأخلاق والمبادئ بقدر الاهتمام بالحصول على الأموال، كتاب موراي يقدم نظرة ثاقبة في حياة قادة من ذوي الخبرة ممن استطاعوا قيادة شركات كبرى دون أن يرتكبوا تجاوزات تخالف ضمائرهم وتمكنوا من تحقيق النجاح من خلال التحفيز والإلهام والتواصل. وعلى الرغم من أن كتاب موراي لا يحوي كل الإجابات إلا أنه وبطريقة سلسة وواضحة وعميقة يقدم نموذجا في التواصل القيادي بين المديرين التنفيذيين الطموحين ورجال الأعمال، الأمر الذي سينعكس على مهاراتك الشخصية، ويساعدك على تحسين قدراتك اللغوية الخاصة بك، لتصبح في النهاية متواصلا فعالا.

المصدر: فوربس الشرق الأوسط

أضف تعليقاً